وجوهٌ جديدة تستعدّ لملء الفراغ السّياسي في طرابلس
تستعد طرابلس لانقلاب غير مسبوق يتعلّق بالوجوه السّياسية الجديدة التي ستمثّلها في الإنتخابات النّيابية المقبلة، بعدما غابت وجوه سياسيّة بارزة لها وزنها في المدينة بسبب الوفاة أو التقاعد عن العمل السّياسي، وترقّب غياب وجوه مماثلة في الإنتخابات النّيابية المقبلة لاعتبارات مختلفة، بشكل بدا معه المشهد السّياسي في طرابلس وكأنّه مقبل على فراغ كبير نظراً لغياب لاعبين كبار عن خشبة المسرح السّياسي في المدينة.
غياب الشّخصيات السّياسية عن مسرح الحياة العامّة في طرابلس في مرحلة ما بعد إتفاق الطّائف، بدأ مع وفاة الرئيس عمر كرامي في 1 كانون الثاني/يناير عام 2015، قبل أن يعلن النّائب السّابق محمد الصفدي عزوفه عن الترشّح لدورة إنتخابات 2018 في 1 آذار/مارس من ذلك العام، ووفاة النائب السابق أحمد كرامي في 5 تمّوز/يوليو 2020، وليشهد العام الجاري إبتعاد 3 وجوه سياسيّة فاعلة في المدينة، الأول النّائب الراحل جان عبيد الذي توفي 8 كانون الثاني/يناير، والنائب سمير الجسر الذي أعلن قبل أيّام أنّه لن يترشّح لخوض الإنتخابات النيابية المقبلة بسبب تقدّمه في السن، في ظلّ معلومات عن أنّه يُحضّر إبنه غسان للترشّح بدلاً عنه، ومثله يفعل النائب محمد كبّارة الذي يُهيّء نجله كريم ليخوض الإستحقاق المقبل.
وزاد طين الفراغ بِلّة ما نُقل عن لسان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بأنّه لن يترشّح للإنتخابات النّيابية المقبلة، بانتظار إشارات خارجية قد تجعله يعدل عن رأيّه أو يبقى عليه، فضلاً عن أنّه ترك الباب موارباً أمام احتمالات مختلفة، عندما أعلن في وقت سابق أنّه لن يعلن أيّ موقف يتعلّق بترشّحه للإنتخابات أو عدمه إلا قبل ساعات من إغلاق باب الترشّح.
ما سبق يعني أنّ النّاخب الطرابلسي سيذهب إلى صناديق الإقتراع في الإنتخابات المقبلة من غير أن ينتخب واحداً من الشّخصيات السّياسية الآنفة الذكر، والتي اعتاد أن يُصوّت لها، وهي التي هيمنت على الحياة السّياسية في المدينة طيلة أكثر من عقدين من الزمن، ما قد يدفع كثير من النّاخبين إلى الإمتناع عن التصويت والبقاء في بيوتهم.
وفي نظرة سريعة على أسماء المرشّحين للإنتخابات النّيابية المقبلة، يبدو أنّ البارزين من بينهم للفوز بمقاعد المدينة الثمانية (خمسة مقاعد للسنّة، ومقعد واحد لكلّ من الروم الأرثوذكس والعلويين والموارنة) يقلّون عن عدد أصابع اليد الواحدة. إذ باستثناء النّائب فيصل كرامي والنّائب السّابق مصطفى علوش والمرشّح السّابق خلدون الشريف، يكاد المرشّحون الجدد الطامحون لوراثة الجيل السّابق من نوّاب طرابلس مجهولين لشرائح واسعة من ناخبي عاصمة الشمال، ويملكون خبرة سياسية متواضعة.
هذا المشهد السّياسي المرتقب خلال الإنتخابات النّيابية في طرابلس، جعل مصادر سياسية مطلعة توضح في حديث لـ”أحوال” أنّ “الأجواء الضبابية وغير الواضحة بما يتعلق بالترشيحات والتحالفات في طرابلس، أصابت الجميع بالإرباك وخلطت أوراقهم، وجعلت حساباتهم السّياسية دقيقة ومعقدة في آن معاً”.
وتوقّعت المصادر أن “يتقدّم لملء الفراغ السّياسي الحاصل في طرابلس، بعد غياب وجوه سياسيّة بارزة عن السّاحة نتيجة الوفاة أو الإعتزال السّياسي أو بسبب تقهقر وتراجع حضور تيّار المستقبل، شخصيات شبه مغمورة سيشكل فوزها مفاجأة غير متوقعة، إضافة إلى الحركات الإسلامية ذات الحضور والثقل السّياسي في المدينة، وعلى رأسهم جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش) والجماعة الإسلامية وحركة التوحيد الإسلامي، فضلاً عن السلفيين، نظراً لامتلاك هؤلاء قاعدة إنتخابية ثابتة وقادرة على ملء الفراغ في المدينة، وتحديداً الجماعة الإسلامية التي سبق لها أن فازت بمقعد نيابي عام 1992 عبر أمينها العام الراحل الداعية فتحي يكن، وجمعية المشاريع التي “سرقت” اللعبة السّياسية من مسؤولها في الشّمال طه ناجي فوزاً كان بحوزته في الإنتخابات الأخيرة”.
عبد الكافي الصمد